اكتسب خادم الله الأب جناديوس موراني شهرة واسعة بعدما جُمِعت أفكاره ومُذكراته ورسائله في كتاب “نشيد الحب ” بالنسخة الفرنسية فانتشر بشكل واسع، وترجم إلى اللغة العربية. فكان، انطلاقا من خبرته الشخصية وشهادة حياته، منارة مُشِعّة تُنير الدّروب.
عاش عذابات داخلية قادته إلى الشك واليأس ودخلت حياته الروحية في مرحلة من الهبوط والنهوض على مدى عشرة سنوات، وكاد أن يترك الرهبنة. لكن، وبعد صراع أليم، اخترقه شعاع سماوي عكسته العذراء التي دعته قائلة: “لماذا تتحمّل بسلبيّة هذه الآلام؟ لماذا لا تنتقل أنت نفسك إلى الهجوم؟”؛ فنجّته بنعمة خاصّة، وكان ذلك مساء 8 أيلول العام 1954 يوم عيد مولِد العذراء.
تميّز بإكرام خاص للعذراء مريم ونسب إلى شفاعتها كلّ النعم التي حازها خلال حياته. كما تمنّى أن تُكرّس ناشئة الرهبانية إلى مريم؛ فتحققت هذه النبوءة وتم تبديل اسم “الرهبنة الحلبية اللبنانية الأنطونية المارونيّة” بعد مرور 10 سنوات على مقتله، وأصبحت تُدعى “الرهبانيّة المارونيّة للطوباويّة مريم العذراء”.
متأثّرا بالقديسة تريزا الطفل يسوع وبروحانيتها، قدّم ذاته يوم سيامته الكهنوتيّة محرقة للحبّ الإلهي في سبيل وحدة الكنيسة، وقد شكّلت هذه المسألة ألما بالنسبة إليه إذ كانت أمّه أرثوذكسيّة ووالده ماروني. وكان استشهاده في ختام أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، علامة على قبول العناية الإلهية هذه التّقدِمة.
استشهاده
انتشر في لبنان خبر محزن للغاية، في أواخر كانون الثاني من العام 1959، فقد قيل إنّ الأب جناديوس موراني “صُرِع في الليل”.
وفي التفاصيل، كان الأب موراني متوجّها مع أخيه وابن عمّه إلى القبيّات ليبارك زواج أخيه البكر، فتعرّضوا على واحدة من طُرق عكّار (شمال لبنان) إلى هجوم عنيف، فراح الأب موراني ضحية بريئة لتصفية حسابات ثأريّة بين أهالي تلك المنطقة، وقُتِل على أثر إصابته ب32 طلقة رصاص، وهو في ال32 من العمر. أمّا أخاه وابن عمّه فاختُطِفا، وأُطلق سراحهما في اليوم التالي.
لما لم تفتتح بعد دعوى تقديسه؟
يجيب على سؤالنا هذا، الأب يوسف بطرس قائلا: “لقد اتّخذت الرهبنة قرارها بفتح دعوى قداسة الأب موراني . ولكن، رأينا أنّه علينا السير في دعوى تقديس مؤسس الرهبانية المارونية المريمية المطران عبدالله القرعلي، قبل فتح دعوى جديدة من أبناء الرهبنة”.
وتابع: “منذ العام 2009، أي بعد مرور 50 عاما على وفاته، ونحتفل في 24 من كل شهر بقداس إلهي على نيّة فتح دعوى تقديس الأب جناديوس موراني، في دير سيدة اللويزة”.
لمحة عن حياته
ولد الأب جناديوس موراني في 25 آذار العام 1927 في المهيري في سوريا؛ وكان اسمه بشّور تذكارا لعيد بشارة العذراء، يوم ميلاده. شعر بدعوة الرب له مذ أن كان في الثالث عشر من عمره، ولكن، اضطرّ أن يمكث في عائلته ريثما يبلغ السنّ القانونية آنذاك لدخول الرهبنة (14 عاما). وبعد دخوله إلى دير مار أليشاع العام 1940، أُعطي اسم جناديوس.
عرفت حياته مؤهّلات روحيّة سامية وتميّزت بأبوّة المسيح والتجرّد والتخلّي عن كل تعلُّق بالماضي، سيّما ما مرّ به من محنة داخليّة أليمة، فمزّق مذكّراته التي يخاطب بواسطتها يسوع وقت الألم.
من أشهر أقوال الأب موراني
“إنّ طريق كلّ نفس نحو القداسة هي سرّ من أسرار قلب يسوع، لن يُكشَف عنه إلا في السماء”.
“القداسة استسلام أعمى للعناية الإلهية”.
“لن نصل إلى الله إلا عن طريق الإنسان”.
المصدر : أليتيا
مواضيع ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق